نزلت متعجلا - كالعادة - بعد ان تأخرت في الإستيقاظ و طلعت بوز والدتي حتى استيقظت. ارتديت ما رأيته أمامي
من ثياب و نزلت أركض في الشارع كأنني غزال مستيئس يهرب من أسد هصور. لمحت أنظار المارة في الشارع تكاد تلتهمني متعجبة من تصرفي المجنون ، حتى إن كثيرا منهم حاولوا ايقافي ظنا منهم انني نشال هارب. سمعت كثيرا من عبارات التهكم و لكنني لم أبالي . فقد كان ما يجول بخاطري أكبر بكثير من ان التفت إليهم.
وفقت بالمحطة .. وقفزت في أول حافلة رأيتها مقبلة نحوي. ابتسم لي الحظ ووجدت مقعدا خاليا ...
جلست، و التفت نحو النافذة ليداعب نسيم الصباح وجهي .. كأنه يحاول إفاقتي ليعدني لموعدي. سرحت بخاطري أتذكر سبب نزولي في هذه العجلة ....
" حاقبلك الساعة 10 الصبح ... ما تتأخرش عليا "
ترددت تلك الكلمات و ترددت ... وظلت تطرق سمعي و تزيد من خفقان قلبي .. ماذا لو تأخرت؟؟ ترى ماذا سيكون رد فعلها ؟؟ قرع ذلك السؤال أبواب عقلي وقلبي حتى كدت أن أجن ... ترى هل ستنتظرني ؟؟
ثم جاء ذلك الصوت المعتاد ليقطع حبل أفكاري :
" ايه يا باشا ... مش حاتدفع الأجرة ؟"
" معلش يا سيد ... اتفضل الأجرة"
"شكلك بتحب كدة ... هما كل اللي بيسرحوا كدة يا بيحبوا يا عندهم امتحان ... انت أنهون فيهم بقى ؟؟"
منحته ابتسامة و لم اعلق على الجملة الأخيرة ....
وصلت أخيرا إلى محطة القطار ... الساعة العاشرة إلا ثلاث دقائق .. القطار يقترب ....
بدأت أعدل من هندامي و اتأمل اللفافة التي بيميني ، واتذكر أخر مرة التقيت بها .......
و ....
قطع صوت صافرة القطار سيل الذكريات الذي تدفق لكياني ، و ظللت أتفرس وجوه المسافرين الذين بدأوا ينزلون من القطار ...
تفتح الأبواب .. و مع حركتها يزيد خفقان قلبي .. و يرتفع معدل نبضاته كأنه طبول الحرب ...
و ....
لم تصل بعد !!!!
انتظرت حتى يأست من العثور عليها ... وهممت بالانصراف .. لأهيم على وجهي كالمسافر الضائع في الصحراء...
القيت بنفسي إلى اقرب مقعد .... و ظل قلبي يبكي حرقة .. أتراها نسيتني ؟؟ اتنهار أحلامي و أمالي دفعة واحدة هكذا ؟؟
وفجأة ..
أحسست بتلك اليد تربت على كتفي !!!
التفت لأواجه الوافد الجديد ....
لأجدها تقف امامي ...
ابتسمت لي ... فعجزت عن الإبتسام ...
انه شعور الظمأن الذي وجد الماء بعد طول عطش ...
" إتاخرت عليك ؟؟"
"لا أبدا بس ... "
" بس إيه ؟؟"
" ... مش ... مش عارف "
" شكلك لسة صاحي زي عادتك "
"أه "
صدرت منها ضحكة خافتة هزت كياني .. فأحسست بقشعريرة تسري في جسدي ... ثم أصبحت كالبلسم يرطب قلبي ....
"إيه مش حنمشي بقى .. يا .......... حبيبي ؟؟؟ "
قالتها .. و تأبطت ساعدي .. لتجد كلماتها و حركاتها في نفسي شعورا بالنشوة .... ولترطب عني هذه الكلمة حر الصيف ...
الكلمة التي طالما نريد أن نسمعها ......
حبيبي .....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق