"سمعت عن الراجل الغريب اللي في البيت ده؟"
"اه..الراجل ده غريب..ما بيتكلمش تقريبا..زي ما يكون عامل مصيبة و هربان..محدش حاول حتى يكلمه"
"ما تيجي نعمل حاجة مجنونة؟"
"ايه؟ ما تقولش نكلمه! بقولك ما بيتكلمش!"
"نحاول يا عم!"
محادثة بدأت بين شابين..عن رجل نسجت حوله الاساطير..
البعض يدعونه شيطانا..خائنا..
نسجت القصص حوله..وغرابة اطواره..
يخرج ليلا..يحادث النجوم و القمر..يقف وسط الاراضي الخالية..يدور كالدراويش حتى يسقط من الاعياء..يصدر عن داره اصوات همهمات و نحيب و ضحكات..
تحفز الشابان..وهما يقتربان من باب الدار..ويطرقانه بحذر..
فتح الباب ببطء..ولم ينبس ببنت شفة..
جلس على الارض..و بين يديه اوراق مبعثرة..وصور متفرقة..
لمح الشابان صورة فتاة بارعة الجمال..
وتحتها كلمات اهداء باسمها..
و كذا اسمها على رسائل عديدة..
وتحتها كلمات اهداء باسمها..
و كذا اسمها على رسائل عديدة..
ثم صورة..لمن يبدو انه ذاك الرجل..مع شاب وسيم..يبدو انه صديقه..
ثم رأيا صورة الشاب الوسيم..يتأبط ساعد تلك الفتاة..فيما يشبه حفل الزفاف..
ثم رأيا صورة الشاب الوسيم..يتأبط ساعد تلك الفتاة..فيما يشبه حفل الزفاف..
"اسف يا شباب..ممكن تمشوا؟"
صعقا لسماع صوته لاول مرة..
كان صوته دافئا..ملئ بالشجن..مختنق بالدموع..
"احنا اسفين..بس.."
"لازم تمشوا دلوقتي..ارجوكم.."
نطق الجملة..وبدأ نحيبه..
بدأ ذاك الصوت الذي يسمع يوميا..
لكنهما..لم ينزعجا كما كانا يفعلان..وكعادة اهل البلدة..
اقتربا منه..و رفعوه عن الارض..اجلسوه في مقعد و حاولوا تهدئته..
"اسفين لو ازعجناك..انت عارف الصوت ده..والناس بيتكلموا عليك.."
"عارف كل حاجة..ومش مهتم..
انا اللي اخترت..انا اللي قررت انكسر عشانهم..وكل ده بيطهرني..انا مختار كل ده”
انا اللي اخترت..انا اللي قررت انكسر عشانهم..وكل ده بيطهرني..انا مختار كل ده”
"تنكسر عشان مين؟ مختار ايه؟ احنا مش فاهمين اي حاجة!"
صمت لوهلة..وكأنما يقرر ان يفتح الاقفال عن لسانه و قلبه..ويهم باخراج ما ستره كثيرا..
"طيب..ححكيلكم.."
وبدأ يروي..
-------------------------------------------------------
"يحيي! صديقي العزيز!"
“يوسف ! ايه يا صديق! اخبار الدنيا ايه؟”
“انت برضو تسأل اخبار دنيتي ايه؟”
“مش معنى اني اخوك الروحي اني بشم على ضهر ايدي”
“يوسف ! ايه يا صديق! اخبار الدنيا ايه؟”
“انت برضو تسأل اخبار دنيتي ايه؟”
“مش معنى اني اخوك الروحي اني بشم على ضهر ايدي”
ضحكا سويا..وتصافحا و تعانقا..
فهما ليسا مجرد صديقان..
بل هما روح انقسمت فانتجت شخصين..اخوين..
فهما ليسا مجرد صديقان..
بل هما روح انقسمت فانتجت شخصين..اخوين..
"ايه ياعم يحيي! لسة نرمين ما راحتش من بالك؟"
“عارف..رغم اني عمري ما اتأكدت من شعورها..بس انا كانت روحي ليها فعلا..انساها ازاي بس؟”
“حتفضل عايش دور البوهيمي كتير طيب؟ بتطفش الناس يا ابني..مش صح كدة..حتيجي غيرها”
“لا مش حتيجي..مش حخون مشاعري”
“مش خيانة..بس اللي بيضيع ربنا بيعوض عنه..وبعدين لازم تتصالح مع الواقع!”
“مش عارف يا يوسف”
“كل شئ بيتغير”
صمت يحيي..ليكمل يوسف قائلا:
“عارف..رغم اني عمري ما اتأكدت من شعورها..بس انا كانت روحي ليها فعلا..انساها ازاي بس؟”
“حتفضل عايش دور البوهيمي كتير طيب؟ بتطفش الناس يا ابني..مش صح كدة..حتيجي غيرها”
“لا مش حتيجي..مش حخون مشاعري”
“مش خيانة..بس اللي بيضيع ربنا بيعوض عنه..وبعدين لازم تتصالح مع الواقع!”
“مش عارف يا يوسف”
“كل شئ بيتغير”
صمت يحيي..ليكمل يوسف قائلا:
"طب تعالى معايا..يمكن تفك"
اخذه..وسارا الى ذاك المكان الذي طالما ابهجهما..
الاستوديو الموسيقي..
الاستوديو الموسيقي..
اخذ يوسف مكانه على “الدرامز”..ووقف يحيي و الناي في يديه..مستعدا للغناء..
"مزجت روحك بروحي..
كما تمزج الخمرة بالماء الزلال..
فاذا انا..انت..”
كما تمزج الخمرة بالماء الزلال..
فاذا انا..انت..”
همت دمعة ان تفر من عينيه..فاسرع يتداركها..لكنه لحظة صمته..خرجت عن اللحن..فاضطر الجميع للاعادة..
"طيب ناخد راحة يا جماعة؟ ريح يا يحيي..وبرضو يكون العضو الجديد جه"
قالها منسق الفريق..
قالها منسق الفريق..
عضو جديد؟
من؟ واي الة يلعبها؟ نحن كاملون!
من؟ واي الة يلعبها؟ نحن كاملون!
نظر يحيي الى يوسف..ونظرات الفضول المتبادلة بينهما تقول كل شئ..
مرت دقائق الراحة..ويحيي يحاول الا يفكر في حبيبته المفارقة..
التي فارقته..دون ان يفهم لما..
رغم انه اخلص لها..لكنه..لم يشعر منها باي شئ..
سوى عذابات الحب..
التي فارقته..دون ان يفهم لما..
رغم انه اخلص لها..لكنه..لم يشعر منها باي شئ..
سوى عذابات الحب..
"اه..اخيرا..ايه التأخير ده كله؟"
تنبه الجميع لصوت المنسق..لمعرفة الوافد الجديد..
تنبه الجميع لصوت المنسق..لمعرفة الوافد الجديد..
"اسفة والله..انت عارف السكة..اسفة جدا"
نظر الجميع لها نظرة تعجب..واعجاب..
فتاة..وجهها يضيئ كالبدر ليلة التمام..
صوتها يغني و هي تتحدث..
صوتها يغني و هي تتحدث..
جمالها بسيط..لكنه أخاذ..
"احيه"
قالها يوسف ويحيي في صوت خفيض معا..ثم التفتا لبعضهما و ضحكا.
قالها يوسف ويحيي في صوت خفيض معا..ثم التفتا لبعضهما و ضحكا.
"اعرفكم يا شباب..دي نورين..عضوة جديدة معانا..نورين حتكون فوكال تاني مع يحيي و بتعزف كمان"
تبسمت ابتسامة صافية..و تبادلت نظرة خاطفة لكل من يحيي و يوسف..
وكان يوسف على حق..
كل شئ يتغير..
-------------------------------------------------------------------------------
"هو ده حضرتك ويوسف ده!"
"صورتنا في الفرقة..كنا اقرب اتنين لبعض"
"وهي غيرت حاجة؟ خدته منك؟ خلته يتغير معاك؟"
"لا..القصة اغرب من كدة بكتير.."
وبدأ يكمل..
…………….
اخذت نورين مكانها..و كذلك يحيي ويوسف و الفريق..
بدأت المقطوعة بناي وحيد..ثم يرد عليه كمان حزين..
ثم ايقاع “الدرامز”..ليصير الناي في الخلفية..و الكمان و الايقاع يتصدران..مع الحان بقية الالات..
ثم ايقاع “الدرامز”..ليصير الناي في الخلفية..و الكمان و الايقاع يتصدران..مع الحان بقية الالات..
انتهت المقطوعة..قام الجميع يهنئون انفسهم..ثم هموا بالانصراف..وكل يحاول التعرف على الفتاة الجديدة..
توجهت الفتاة متجاهلة محاولات بعض الشبان للملاطفة..الى يوسف و يحيي..
"انتم ساكنين قرب الميدان صح؟"
“اه”
“طيب..انا جنبكم..انتو ماشيين؟”
“ايوة دلوقتي اهو”
“طيب..ياللا؟”
قالتها بابتسامة..وخرجت معهما..كانما تتحصن بهما من بقية البشر..
“اه”
“طيب..انا جنبكم..انتو ماشيين؟”
“ايوة دلوقتي اهو”
“طيب..ياللا؟”
قالتها بابتسامة..وخرجت معهما..كانما تتحصن بهما من بقية البشر..
"الشباب دول مزعجين"
“معلش..عشان انتي جديدة بس”
قالها يوسف..لترد هي:
“بس انتو مختلفين يعني..انتو اخوات صح؟”
“معلش..عشان انتي جديدة بس”
قالها يوسف..لترد هي:
“بس انتو مختلفين يعني..انتو اخوات صح؟”
تبسم الاثنان..وتبادلا النظرات
“لا..احنا صحاب..بس زي ما تقولي من قربنا لبعض بننضح على بعض”
“لا..احنا صحاب..بس زي ما تقولي من قربنا لبعض بننضح على بعض”
ضحكو جميعا..و تبادلوا الكلمات طوال الطريق..
وفي صدر كل منهم..شئ يتغير..شئ يقول ان الامور كلها ستتغير..
تماما..
تماما..
————-
"حضرتك لو مش قادر خلاص"
"لا..طالما قررت اقولكم..ححكيلكم للاخر"
"انا مش فاهم..ايه ممكن يحصل غير انها تكون فرقت بينهم؟"
"مش انا و يوسف..ببساطة"
"طب ايه اللي حصل؟"
"يوسف كان دايما بيوجهني..لاني كنت مرهف الحس شوية..
بس هو..موضوع المشاعر ده ما كانش مهم عنده..الناس كانوا بيقولوا انه ما بيحسش..وعمره ما حيحب”
بس هو..موضوع المشاعر ده ما كانش مهم عنده..الناس كانوا بيقولوا انه ما بيحسش..وعمره ما حيحب”
"وهي حركت حاجة جواه.."
"بالظبط"
"طب وبعدين؟"
"حكمل.."
وبدأ يستطرد..
-----------------------------------------------------------------------------
"يوسف..انت مش على عوايدك"
"ازاي يعني يا يحيي؟"
"انت فيه حاجة جواك اتحركت..حاجة انت كنت بتقول انها ميتة"
"قصدك ايه يا يحيي؟!"
"انت فاهم يا يوسف..قول لاخوك الحقيقة"
صمت يوسف لوهلة..وتنهد..ليقول:
"ايوة يا يحيي..انا بحبها"
نظر له يحيي..كأنما يحاول التركيز..قائلا:
"بعد الكام شهر دول وملاحظتي ليكو..انا متوقع جدا..بس ايه المشكلة؟ ايه اللي يضايقك؟"
"مش فاهمها..ساعات بتبقى عايزاني..وساعات تقولي انا مش عايزاك.."
"هما متقلبين..عادي يا ابني"
"لا..هي ساعات بتقولي اني مش عايزها زي ما هي عايزاني..ومش بحبها زي ما هي بتحبني..
ذنبي يا يحيي اني ما بعرفش اعبر؟”
ذنبي يا يحيي اني ما بعرفش اعبر؟”
صمت لوهلة..ثم اردف:
“يا ريتني بعرف اعبر زيك”
“يا ريتني بعرف اعبر زيك”
نزلت الكلمة على يحيي كالصاعقة..و ابتلع تلك الغصة في حلقه بصعوبة..ليقول:
“الامور حتمشي يا صاحبي..اوعدك..”
“الامور حتمشي يا صاحبي..اوعدك..”
————-
"طيب مفيش حاجة غريبة..ايه اللي حصل؟"
"انت كنت لسة متأثر بنرمين..صح؟"
"ايوة..بس الدنيا ما كانتش زي ما انتو فاكرين..ولا زي ما يوسف كان فاكر.."
"امال ايه؟"
"حقولكو"
و عاد ليحكي..
——————-
"ازيك يا يحيي؟"
"الحمد لله..عاملة ايه النهاردة يا نورين؟"
"اهو.."
"مالك؟"
وضعت يدها على عينيها..لتقول:
"مفيش حاجة.."
"لا بجد مالك؟ ازاي مفيش حاجة؟ انتي بتعيطي!"
تنهدت..وقالت بصوت متهدج:
"الناس وحشة اوي..كلهم بيأذوا من غير ما يراعوا حد..حيكرهوني في اكتر حاجة بحبها"
"حد ضايقك؟"
"حد ضايقني؟ قول حد ما ضايقنيش! شوف بقالنا كام شهر..مش عارفة استريح..حتى لما افتكرت اني لقيت حد.."
"ايه؟"
"بص..مش حتفهم.."
"قولي..يمكن افهم.."
نظر اليها مباشرة..
"نورين؟"
في تلك اللحظة..القت بثقلها بين احضانه..وبكت..
بكت كما لو انها خزنت الكثير..
"محدش بيحس بيا..محدش بيحبني زي ما بحبه..محدش.."
استرسلت في البكاء..
وضمها هو اليه..
ضمها..وهو يشعر انه لا يحاول مساعدتها فحسب..
بل..
لانه يحبها..
-------------------------------------------------------------------------------
"ايه ده! انتو الاتنين حبيتوها! ويوسف بيشتكي انها مابقتش عايزاها..وهي بتشتكي ان ماحدش بيحبها زي ما بتحبه..وانت وعدته تتحل..و انت بتحبها وهي بين ايديك.."
"انا ما بقتش فاهم حاجة! ايه اللي بيحصل يا عم يحيي!"
نظر الى الشابين..وعيناه تغرورقان بالدموع..وقال..
"هنا كل حاجة في القصة.."
وعاد يحكي..
—————-
“يحيي..هو انا لو سبيتها..عشان فيه حد حيسعدها اكتر مني..اكون ما بحبهاش؟”
“يحيي..هو انا لو سبيتها..عشان فيه حد حيسعدها اكتر مني..اكون ما بحبهاش؟”
نظر يحيي الى يوسف طويلا..قبل ان يرد:
” لا..انت بتحبها..”
” لا..انت بتحبها..”
"مالك يا يحيي؟"
"مفيش..تخيلت حاجة بس.."
"تخيلت ايه؟"
"تخيلت لو كنت بحب نورين قبل ما اعرف انكو بتحبوا بعض..كنت حعمل ايه.."
"عارف؟ مع اني عارف انك لسة قلبك مع نرمين..بس لو كان ده حقيقي..كنت سيبتها تقرر..ساعتها كانت حتختارك.."
"ليه بتقول كدة يا ابني؟!"
"انت احسن مني في انك تحب..انا غلطت اني اتخليت عن مبدأي..انا ما ليش في الحب.."
"بس انت حبيت..بقى ليك في الحب.."
"بس مش عارف اسعدها..واوصلها حبي..لو كنت بتحبها كنت حضحي عشانك..عشان انت حتسعدها.."
تسمر يحيي مكانه كتمثال عتيق..ثم..عانق يوسف عناقا شديدا..
"انت اخ مفيش زيك"
“ولا انت فيه زيك”
“ولا انت فيه زيك”
—————-
"يحيي..انت الوحيد اللي بحكيله اي حاجة في حياتي دلوقتي.."
"المهم تكوني مستريحة"
"عارف..المشكلة لما تبقى بتحب حد..وهو مش مستعد يردلك ده.."
"مش كل الناس بتعبر عن حبها زي بعض.."
"طب اي تعبير! تخيل تحب حد ما بيردلكش اي حاجة خالص!"
"ممكن يكون مستعد يعمل اي حاجة عشانك..بس مش عارف يقولك.."
"مش عارفة..يمكن.."
نظرت اليه..و حدقت بعينيه..
"يحيي.."
"ايه؟"
"انت..انت كويس اوي.."
احمرت وجنتاه..واطرق خجلا..
"انا كنت فاكرة الخجل ده بتاعنا احنا بس"
"والرجالة برضو ليهم خجل يا نورين"
"ما شفتش زيك"
نظرا الى بعضهما البعض..وهما بقول شئ ما..
لكن..صمتا..
ولكل سببه..
-----------------------------------------------------------------
"الاتنين مش عارفين..وانت لامم كل حاجة في القصة..الموقف صعب!"
نظر يحيي الى الشاب..وقال:
"عارف يعني ايه تملك عقلك وكيانك؟ عارف يعني ايه تبقى ما تقدرش تعيش من غير صوتها..وضحكتها..و طلتها بس كدة؟ عارف يعني ايه تحبها لدرجة الجنون؟"
"واتصرفت ازاي يا عم يحيي؟"
"حقولكم.."
وعاد للسرد..
————-
الان..اما صديقه..واما نفسه..
للظفر بالمحبوبة..
صديقه..قد صرح له بالحب..ولكنه في ذات الوقت..اخبره انه سيضحي له ان هو احببها..لانه سيسعدها..
وهي..مازالت تحبه..لكنها يحزنها انها لا ترى جواب حبها كما تأمل..لانها لا تدرك انه لا يستطيع التعيير..كما يستطيع هو..
والان..وحده..يملك مفاتيح اللعبة..
ويمكنه القوز بمن ملكت كيانه..وهو يعلم انها ستبادله الحب..
لكن..صديقه..اخوه الروحي..
لا يستطيع تحمل رؤيته منكسرا..
وكذا..لا يحتمل الفراق..
للحظة..فكر جيدا..
واتخذ قراره..
————-
واتخذ قراره..
————-
"نورين"
“ايه يا يحيي؟”
“عايز اقولك حاجة”
“خير؟”
“انا قررت ارجع لنرمين”
“بجد؟ كويس ليك..مبروك”
“ايه يا يحيي؟”
“عايز اقولك حاجة”
“خير؟”
“انا قررت ارجع لنرمين”
“بجد؟ كويس ليك..مبروك”
قالتها بصوت مختنق..كالذي يفقد روحه..ليردف هو:
"يوسف سايبلك الجواب ده"
فتحته سريعا..متوجسة خيفة..
قرأته..وبدأ عبوسها يتحول لابتسامة..وتهللت اساريرها..قالت:
"انا كنت حاسة! الحمد لله"
نظر يحيي لها مبتسما..لتكمل هي:
"وحظ سعيد ليك مع نرمين"
"ربنا يريحك و يكرمك يا نورين"
نظرت له..واحتضنته مرة اخيرة..و ابتسمت..
ثم مضت في طريقها..
ودعها ببصره..
وودع معها بقايا روحه!
—————
"انت وديتلها الجواب بنفسك!"
قال يحيي..وهو يتأمل الخطابات امامه و الصور..وقال:
“انا اللي كاتب الجواب..مش يوسف”
“انا اللي كاتب الجواب..مش يوسف”
صعق الشابان..واكمل هو:
"كلمته بعدها قلتله نورين جايالك..ووصلها حقيقة مشاعرك..خد بالك منها..شكرني ع المساعدة و كدة..وبس.."
"وبس ايه؟"
"اتخطبوا"
"وانت رجعت لنرمين و اكتئبت بعدها عشان حسيت انك بوشين..و جيت على هنا بعد ما ضيعت الاتنين..يعني ما لعبتش بالبنات زي ما بيقولوا عنك"
"انا ما رجعتش لنرمين"
صعق الشابان مرة اخرى..لذاك الجواب الصادم..
"ما رجعتلهاش؟"
"قلت كدة لنورين و يوسف..عشان ما يحسوش بالذنب..ويعيشوا حياتهم عادي"
"امال ازاي وصل كلام انك سيبت البنتين وكل ده للناس؟"
"سيبت البلد..وجيت هنا..بس كنت كاتب جواب.."
————
لملم اغراضه..استعدادا للرحيل..
وقبل الرحيل..
بدأ يكتب:
صعوبة الحياة على المحك..
انك دايما عايش على سن سيف..
حياة بتوصلك لانك تكون ظاهريا غير مبالي..ومهمل..و كسول..
باطنيا..شخص بيتكسر و يتلم يتكون تاني زي ما الناس بتتنفس..
بتخلي دماغك تسكر لوحدها..رأفة بيك عشان تكمل حياتك..
عايش دايما في تحدي بقاء..وعدم يقين من اي شئ..
في اخر لحظة..يظهر المسار..
تحب..ما تتأكدش ابدا من مبادلة الحب..لحد ما يختفي..وانت تتحول لكائن عايش من غير ما يهمه اي حد..”
كتب تلك الكلمات..وترك نسخة من الرسالة لدى صديقه..وحبيبته..
لكن جزءا من رسالته..لم يعطه لهما..كي لا ينغص معيشتيهما:
“
تخيل لو واحد مثلا حب..وتعلق..
ولقى ان محبوبه..يبقى محبوب اقرب الناس ليه..
تخيل حيبقى عايش ازاي؟
بين انه يكسر اقرب الناس ليه..او يكسر محبوبه..او يكسر نفسه..
ولقى ان محبوبه..يبقى محبوب اقرب الناس ليه..
تخيل حيبقى عايش ازاي؟
بين انه يكسر اقرب الناس ليه..او يكسر محبوبه..او يكسر نفسه..
في النهاية..لازم شخص بيتكسر..
انا مش عارف..
بس لو الحياة حتكون اسعد بانكساري..حنكسر..
حنكسر من غير ما اندم على اي شعور حسيت بيه..
وححس بفخر..ان فيه ناس تاني سعيدة بسبب تضحيتي..
————
دس ذاك الجزء في جيبه..
ورحل..
كقديس تخلد ذكراه بايقونة في المعابد..
بس لو الحياة حتكون اسعد بانكساري..حنكسر..
حنكسر من غير ما اندم على اي شعور حسيت بيه..
وححس بفخر..ان فيه ناس تاني سعيدة بسبب تضحيتي..
————
دس ذاك الجزء في جيبه..
ورحل..
كقديس تخلد ذكراه بايقونة في المعابد..
"القديس المضحي"..
-----------------------------------------------------------
"يا للالم! ليك حق في كل دمعة..احنا اسفين.."
"يا ابني..دي ضريبة التضحية..و صك التطهير..وانا راضي"
"والبكا؟"
"انا بشر برضو.."
"انت مش بشر عادي! انت قديس! مين يعمل كدة!"
"يوسف..كان حيعمل كدة لو كان عرف نيتي.."
سادت لحظة من الصمت..قبل ان يقطعها يحيي قائلا:
"انت عارف ايه اللي مصبرني على الحياة؟"
"ايه يا عمي؟"
"انها حبتني..ولو للحظات..
اني حسيت اني كنت في قلبها للحظات..
ان ولو لجزء بسيط من الزمن..كان حبنا متبادل..ولو كان احنا الاتنين كان على طرف لساننا..بس ما قولناش..”
اني حسيت اني كنت في قلبها للحظات..
ان ولو لجزء بسيط من الزمن..كان حبنا متبادل..ولو كان احنا الاتنين كان على طرف لساننا..بس ما قولناش..”
"بس..انت قلت انك ضحيت! وتضحيتك دي فعلا تضحية قديس! ازاي الشعور ده!"
رسم بسمة حزينة على وجهه..و اردف:
"يمكن فعلا..بس حتى القديس..بشر..ليه مشاعر..
والقديس مشاعره لسة ليها..رغم انه قدم نفسه فداء سعادتهم..
بس حظ نفسه الوحيد..انه لسة بيحبها”
والقديس مشاعره لسة ليها..رغم انه قدم نفسه فداء سعادتهم..
بس حظ نفسه الوحيد..انه لسة بيحبها”
"يوسف انت بتقول انه كان حيعمل كدة برضو؟"
"ايوة..بس انا امنت ان قدري اني اتحمل عذابات عن الناس..يمكن اموت بعذاباتهم..ويعيشوا سعداء"
قالها..و نظر الى السقف..قائلا:
"وده المطهر..وده الخلاص..
بلغت غاية الحب الاعظم..التضحية”
بلغت غاية الحب الاعظم..التضحية”
قالها..و اغمض عينيه..و ابتسم..ابتسامة تصحبها دمعة وحيدة..لاول مرة منذ سنوات..
وللمرة الاخيرة..
——————
سار الشابان خلف الجثمان..مع اهل البلدة..حتى وصلوا الى المقابر..
بعد ان واروا يحيي التراب..تحدث احدهما..قائلا:
"لو كنتم طول السنين دي مش عارفين صراخه و نحيبه..و بتقولوا انه زي اللي عنده مس..وخسته هي السبب..
اعرفوا..ان في الدار المهجورة دي..ما كانش شيطان..
واللي تحت الارض دي..ما كانش شرير..
واللي تحت الارض دي..ما كانش شرير..
النهاردة دفننا قديس..
قديس..شال معاناته..ومعاناة غيره..وهرب بيها..عشان يسعدهم..
فضل يتدفن بمعاناة الناس..على انه يعيش بسعادته هو بس..
قديس..شال معاناته..ومعاناة غيره..وهرب بيها..عشان يسعدهم..
فضل يتدفن بمعاناة الناس..على انه يعيش بسعادته هو بس..
افتكروه..واعرفوا قدره..
و خلونا نكتب على القبر ده..عشان يفضل ذكرى و درس..
و خلونا نكتب على القبر ده..عشان يفضل ذكرى و درس..
هنا..يرقد القديس المضحي”..
——————-
تمت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق