تدرك انت شعور التخبط جيدا..
الانجراف بعيدا عن السبيل..
تدرك جيدا..شعور الضياع..
الاحساس انك تهوي الى قعر لا تدري اين قراره..
تحاول ان تسمو بالروح..تهيئها..
ايام تمر..يشوبها محاولات يائسة للذكر..للترتيل..للدعاء..للقيام..
محاولات تكاد تنعدم..
ربما الحل غير تقليدي..
ربما ينبغي ان تكسر الحواجز اولا لترتقي..
لتدور في فلك الروح و السمو..
في تلك الحديقة..وقت العصر..قررت البدء..
قررت خوض التجربة..لعلها تسهم في كسر الحاجز و بداية العودة..
تلك الاغنية..الترنيمة..الانشودة..ايا ما كانت..
تلك البداية مع صوت الناي..و ترديد اللفظ..
"الله"..
بدأت بصنع دائرة واسعة بخطواتي..مع تكرار اللفظ..
ربما لأنني لم أجربها بذاك الشكل من قبل..جديا..
و بدافع الفضول..قررت الأستمرار..لأدرك العواقب..
"الله"..
قشعريرة تسري و انا احاول تضييق الدائرة..بخطوات خفيفة مستقرة..هادئة بهدوء الايقاع..
"سبحانك يا دايم"..
ضاقت الدائرة..لم أعد أدر حول مركز..
بل صرت مركزي!
الدوران ما زال مستقرا..هادئا..
اخاف الدوار..
لانني لست مستقرا..
بدأت بالتركيز مع الكلمات ..
"سبحان من له في كل شئ آية"..
أردد الآن..و أنا احاول حفظ توازني مع بطئ الدوران..
"تدل عليه..بأنه واحد"..
أحاول الآن رفع يداي الى السماء..كما رأيت كثيرا..
كدت أفقد التوازن..فربما لم أستقر بعد لانطلق..
"مدد"..
لم أفكر لحظتها سوى بانني اطلب من الله المدد..فانا في قمة الضعف الآن..
"مدد"..
استشعر حاجتي..و ضعفي..و عدم ثباتي و استقراري..
مدح للنبي الآن..
اردد و انا اكاد استقر..
افتح عيناي الآن..
"يا رب"..
أرى الدنيا تدور حولي..الصور معالمها مألوفة..لكنها تدور بسرعة دوران عقارب الساعة..تذكرني بانقضاء العمر..
"على بابك..أحبابك..في بابك..راجينك..يا رب"
دوراني مستقر الآن..أرى الدنيا تدور حولي..و لكنني غير مكترث..
أرفع يداي الى السماء عند كل قولة "يا رب"..ثم اضمها الى صدري..
اردد الآن الكلمات التي لم اتقن حفظها ..بلا توقف..و لا تردد..
أزيد سرعة دوراني..و لا أكاد اشعر بما حولي..
فقط..أدور حول نفسي..ادور في مكاني..ادور و انا اكاد ارتفع عن الأرض..
تزيد سرعة الإيقاع الآن..
لم أعد ادرك الوقت..و انا ادور مع الكلمات و الايقاع..
تزيد سرعتي..و مع زيادتها اتذكر كل دلالات الرقصة عند الرومي..
استشعرها..
فجأة..لا أكاد أرى تفاصيلا حولي..
فكل ما حولي يتحول تدريجيا الى سراب..
ثم يختفي..
ليصبح الكون كله في نظري عنصرا واحدا ادور وسطه..
ازيد سرعتي مع الايقاع..
لا أكاد أشعر بالأرض تحت أقدامي الآن..
"نسمات هواك لها أرج..تحيا و تعيش بها المهج"
نعم! انني أحيا بنسمات هوا المولى! أدور في فلكه..ادعوه..أرجوه!
أدور أسرع الآن..
"ما الناس سوى قوم عرفوك..و غيرهم همج همج"
همج همج!!
انت مركز كل شئ في تلك الحياة و ما بعدها..
الآن أشعر التوحد مع الكون في الدوران..
و كأنني صرت عنصرا آخر ممزوجا بباقي عناصر الكون..
صنع الله!!
"دخلوا فقراء الى الدنيا..و كما دخلوا منها خرجوا"
عابري سبيل نحن!
ندور مع الكون كله .. صنع الله الواحد الأحد..مبتهلين متضرعين له..
لسنا نحمل من هذا العنصر شيئا..و لن نحمل منه شيئا..
تزيد سرعة دوراني..و خفقان قلبي..
"الله"
"الله"
"الله"
"الله"
أردد الأسم و انا استشعر العظمة..و الرهبة..
ليس باق سواه..كلنا عبيده..
"الله"
"الله"
"الله"
"حي!!!!!"
أطير من على الأرض !
أطير بعد الدوران..
و اسقط على الأرض..
على ظهري..
و تتوقف الموسيقى !
انفاسي تتسارع..و دقات قلبي..
لكني لا أشعر بالدوار!
ما أن لامست الأرض..الا و انطلق آذان المغرب يشق السكون حولنا..
أنظر الى السماء..
ابتسم..
و انا اتمتم..شاكرا..داعيا بكل خير..
لكل من يجول بخاطري..في تلك اللحظة المهيبة من حياتي..
و اردد..
"الله أكبر..الله أكبر"..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق