الجمعة، 22 مارس 2013

غيبوبة

"انه لا يتجاوب! لقد دخل في غيبوبة!"

ممدد هو على فراش أبيض..مغمضا عينيه..يحيط به أشخاص كثر..كان يعرفهم..لكنه الآن لا يشعر بهم..

بدأت الأصوات حوله تتخافت..وتشتد الظلمة..حتى صار..وحده..في ظلمة حالكة..اذا اخرج يده لم يكد يراها..

يحاول فتح عينيه..يبحث عن مصدر للضوء..لكن الظلمة تشتد سودا فوق سوادها..و حلكة و كأنها بلا نهاية..

جلس هو..بعد وقت لا يعلمه من الهلع..يحاول ترتيب أفكاره..و استعادة رباطة جأشه..

و من حيث لا يدري..صارت بيئته المحيطة مرئية له..رغم أنه لا يرى مصدرا للضوء..

صار يرى أربعة صخور..تحجب المخرج البادي أمامه..و تمنع خيوط النور من النفاذ اليه..

اقترب..في حذر..محاولا معرفة ماهية هذه الصخور..عله يستطيع تحريكها..


صخرة كبيرة للغاية..بجانبها صخرة غير واضحة المعالم..وصخرة تبث الرعب في النفوس..و صخرة أخيرة كبيرة..

اقترب من الصخرة الأولى..محاولا العثور على طريقة لازالتها..

لمح كلمات مكتوبة عليها..تقول:

"ان كان نظرك سليما..فسترى أنني كبيرة عظيمة الضخامة..فلا أمل من المحاولة"

أحس بصاعقة من اليأس تضربه لمجرد قراءته تلك الكلمات..و التفت عن الصخرة الى الصخرة التالية علها تكون هي المخرج..

كانت تلك هي الصخرة غير واضحة المعالم..فلا يعلم أكبيرة هي؟؟ أم أنها هينة؟؟

أقترب ليقرأ ما كان منقوشا عليها..فكان:

"هل تظن أنك تستطيع؟ هل تعتقد أنك قادر على تحريكي؟؟ بل هل تظن انك ان حركتني..ستجد المخرج؟؟"

تسلل إلى قلبه شك من أمر تلك الصخرة..جعله يخشى حتى المخاطرة..

اقترب من الصخرة الثالثة..فوجدها صخرة تبث الرعب في النفوس حتى انه لم يجرؤ على الأقتراب منها و قراءة ما عليها..و آثر المحاولة مع الصخرة الأخيرة..

كانت فرصته الأخيرة..صخرة عظيمة الحجم..كثيرة التراكيب..شديدة السواد..

أقترب منها..و كسابقاتها وجد عليها كلمات:

"أنا صخرة انت من بنيتها..أنا عمل يديك..انا من تكوينك..كبرتني و الآن..لن تحركني"

جلس مكانه..و قد أيقن أنه هالك لا محالة..جلس منتظرا ساعته..

و من حيث لا يدري..سمع نداءا..فجأة!!

"أحمد"!!!

**************************************************

جلست تلك القتاة على طرف سريره..دامعة العينين..عيناها لا تتحركان عن الشاب الراقد..

"أحمد"!!

لا يكاد يكون له أدنى ردة فعل..و لكنها ما زالت تكلمه..

"أحمد..أرجوك قاوم!"

قاطعها الطبيب المشرف..قائلا في أسف..

"لا يوجد أي تفاعل..أنا آسف..لقد طالت غيبوبته"

"بنيتي..هيا بنا..لا أمل.."

لم يزدها مقولات من حولها الا اصرارا..

"أحمد..أرجوك.."

في غمرة خوفها .. نسيت كل شئ..
نسيت من حولها..
و كأنها جزء من عالم آخر..مدت يديها..لتمسك بيده..
و تبكي..

"أحمد..أرجوك..لا تتركني.."

و تردف بصوت خافت..مختنق بنحيبها:

"أنا أحبك"

**************************************************

"أحمد!! قاوم أرجوك"

انه يسمع ذاك النداء..و كأنه يدفعه الى الأمام..و كأنه يأمره أن يحطم صخوره..

لكنه..لا يستطيع..

يتكرر النداء..انه يعرف هذا الصوت..

نعم..انها هي..

لكن..ما حيلته؟؟ لا أمل..يكفيه أنه سمع صوتها..

و لكنه تذكر شيئا..

إنه لم يخبرها بعد كم يحبها..

نعم..يعرف انها تعلم كم يحبها..و كم تحبه..

لكنه..لم يخبرها بعد..

سيقوم..سيخبرها..

لم ينتهي الأمر..

قام نحو الصخور..و صار يدفعها بكل ما أوتي من قوة..

و هو يدفعها..أحس بيد تمسك به..و تنتشله من غياهب هذه الظلمة..

بدأ يرى بصيصا من النور..

بدأ يرى المخرج..

"أحمد!!"

"أحمد!! انه يستيقظ!! انه يفتح عينيه!!"

بدأت عيناه تراها امامه..و يده تحس بيدها تمسك به..

ابتسم لها ابتسامة خفيفة..لتمنحه ابتسامة مصحوبة بدموعها..

لقد أخرجته من كهفه..

نعم..الآن يمكنه أن يخبرها..

ملء ابتسامته..

"أحبك"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق